
الساعة الرملية القديمة
الساعة الرملية القديمة
في أحد أزقة القاهرة الضيقة، حيث تتعانق أصوات بائعي الفول والطعمية مع ضحكات الأطفال، عاشت “آميرة” الفتاة الصغيرة التي كانت تبلغ من العمر عشر سنوات. كانت آميرة تُحب الجلوس على حافة النافذة في شقتهم العتيقة، تراقب العالم الصاخب تحت قدميها، وتتخيل أن كل شخص يمشي في الشارع يحمل قصةً سريةً داخل حقيبته.
ذات يوم، بينما كانت تتجول في سوق “خان الخليلي” مع والدها، لاحظت دكانًا صغيرًا مخفيًا بين المحلات، لم تره من قبل. على باب الدكان نقشٌ غريب: “ما تبحث عنه سيجدك”.
دخلت آميرة بفضول، وكان الدكان مزدحمًا بتحفٍ غريبة: ساعات مكسورة، خِرَائطَ قديمة، وتماثيل صغيرة تهمس بأصوات غير مفهومة. خلف المنضدة وقف رجل عجوز بعمامة زرقاء، يبتسم كأنه كان ينتظرها.
قال الرجل: “أخيرًا.. وصلتِ!”
لم تفهم آميرة، لكنها رأت على الرف ساعة رملية مذهبة، بدا وكأن الرمال داخلها تتساقط ببطء غير طبيعي.
“هذه ليست ساعة عادية”، قال العجوز، “إنها تمنحك دقيقة واحدة إضافية كل يوم… دقيقة لترى ما لا يراه الآخرون.”
اشترت آميرة الساعة بقطعتي نقود وجدتهما في جيبها، وعادت إلى البيت. في تلك الليلة، بينما كانت الساعة الرملية تهمس بضوء خافت، لاحظت أن كل شيء حولها توقف فجأة: ذبابة في الهواء، قطرة ماء من الصنبور، حتى تنفس أبيها في الغرفة المجاورة. في تلك الدقيقة الإضافية، سمعت حوارات النمل على الحائط، ورأت ألوانًا جديدة في ظلام الليل.
لكن مع مرور الأيام،
بدأت الدقائق الإضافية تطول، والعالم من حولها يبدو أكثر هشاشة. في أحد الأيام، قررت آميرة أن تكسر الساعة، لكن العجوز ظهر فجأة في غرفتها وقال: “الوقت الإضافي ليس هدية، بل اختبار… هل تعلمتِ أن اللحظة الحقيقية تكفي؟”
منذ ذلك اليوم، اختفى الدكان، لكن آميرة تعلمت أن أسرار السعادة لا تُخبأ في الوقت الإضافي، بل في إبطاء النظر إلى التفاصيل الصغيرة: رائحة الفطير المشلتت في الصباح، صوت أمها وهي تُغني، وحتى ضجيج الشارع الذي كان يُزعجها.
هل تعلمت من القصة شىء فى حياتك اكتبه لنا فى التعليقات
إرسال التعليق